في ظل ما تشهده المملكة العربية السعودية من موجات حر شديدة وتزايد في درجات الحرارة السنوية، والتي تجاوزت في بعض المدن خلال الأعوام الأخيرة حاجز الـ50 درجة مئوية، تتجدد الحاجة الملحة لإعادة النظر في بعض الاشتراطات التنظيمية المرتبطة بتوفير وسائل الوقاية من مخاطر الطقس القاسي، وعلى رأسها اشتراطات ترخيص مظلات السيارات، سواء تلك التي يتم إنشاؤها داخل حدود الملكية أو خارجها على الأرصفة والمرافق العامة.

مظلات السيارات ليست رفاهية

لقد بات من المؤكد علميا أن درجات الحرارة داخل المركبات المتوقفة تحت أشعة الشمس المباشرة يمكن أن تتجاوز 65 درجة مئوية، وهو ما يشكل خطرا بالغا على حياة الأطفال، وكبار السن، وذوي الأمراض المزمنة، بل وحتى على الأصحاء، عند ركوب السيارة أو مكوثهم فيها لفترة وجيزة. هذا الارتفاع الحاد في الحرارة الداخلية للمركبة قد يسبب حالات إعياء حراري، وهبوطا حادا في الدورة الدموية، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة لا قدر الله.

وعلى العكس، فإن توفير مظلات تظلل المركبات يقلل بدرجة ملموسة من درجة الحرارة الداخلية، ما يسهم في حماية الأرواح، ويقلل من استهلاك الطاقة اللازمة لتبريد المركبة عند تشغيلها، وهو ما ينعكس كذلك على كفاءة استهلاك الوقود ويحد من الانبعاثات الحرارية.

الاشتراطات بحاجة إلى مراجعة

رغم هذه الحاجة الملحة، ما زال كثير من المواطنين والمقيمين يواجهون صعوبات وتعقيدات عند محاولة الحصول على ترخيص بإنشاء مظلة لمركباتهم، لا سيما إذا كانت هذه المظلة خارج حدود ملكيتهم، كالرصيف المواجه لمنزلهم. بعض الأمانات تشترط تصاريح معقدة، وموافقات من عدة جهات، وقد ترفض الطلب بشكل كامل لأسباب تتعلق بالتخطيط العمراني أو الملكية العامة، دون مراعاة الظروف المناخية الحالية التي تستدعي المرونة والتعاون بين الجهات التنظيمية والمجتمع.

من المؤسف أن بعض الممارسات البلدية ما زالت تنظر للمظلات من زاوية الجمالية البصرية فقط، وتتجاهل البعد الصحي والبيئي والاجتماعي لها، وهو ما يتطلب تحديثا عاجلا للاشتراطات واللوائح، لتواكب التحديات المناخية المستجدة وتتماشى مع أهداف الاستدامة ورفع جودة الحياة التي تتبناها رؤية المملكة 2030.

دعوة مفتوحة للوزارة والأمانات

من هذا المنبر، نتوجه بنداء إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، وأمانات المناطق كافة، لتيسير إجراءات ترخيص مظلات السيارات، لا سيما في المناطق السكنية، وتشجيع الأفراد على تركيبها ضمن ضوابط مرنة تضمن السلامة العامة دون تعقيد غير مبرر.

إن التحديات المناخية التي نواجهها اليوم تفرض علينا إعادة النظر في أولوياتنا التنظيمية. ولا شك أن حماية الأفراد من آثار الإجهاد الحراري والحر الشديد يجب أن تكون من أبرز تلك الأولويات. فمظلات السيارات وسيلة بسيطة وفعالة، ومن غير المنطقي أن تكون عائقا بيروقراطيا في وجه حماية الأرواح.