عزنا بنسائنا

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عزنا بنسائنا, اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 10:14 مساءً

تأتي الذكرى الخامسة والتسعون لتوحيد بلادنا الغالية تحت شعار «عزنا بطبعنا» تعبيرا عما حبانا الله به من علو في مبادئنا وقيمنا وهويتنا الإسلامية والوطنية، وكناية عن ما حققه وطننا الطموح من منزلة عالية، ومكانة سامية، على يد رجال ونساء صدقوا في حبهم لأرضهم ووطنهم، وتفانوا في أداء رسالتهم ومسؤولياتهم.

ولأن «النّساء شقائق الرجال»، جاءت تعاليم الإسلام مؤكدة أن المرأة ليست ظلا مائلا، ولا فردا هامشيا؛ بل هي روح تتألق بالعزة والكرامة، وركن رصين في بناء الأسرة والحضارة. هي نصف المجتمع بالأصالة، وهي النصف الآخر بالتربية والولادة؛ ولذا هي جوهر المجتمع ولبُّه، ولا تقوم لأمة قائمة دونها وجهودها!

وقد جسدت المرأة السعودية هذا المعنى في واقع مشهود، فسجلت في تاريخنا المجيد أمجادا تخلد، ونماذج فخر تروى وتحمد، ولعلي في هذه العجالة أورد شيئا من تلك النماذج الخالدة:

الأميرة سارة بنت أحمد بن محمد السديري، والدة المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه. كانت - رحمها الله - زوجة داعمة وأما رائدة عرفت بالحكمة والرصانة وحسن التربية، ولعبت دورا مهما في دعم ابنها وتشجيعه على استعادة ملك آبائه وأجداده.

الأميرة نورة بنت عبدالرحمن آل سعود، شقيقة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمهم الله جميعا. كانت عزوته وركنه الشديد الذي يأوي إليه لأخذ مشورتها وشحذ همته. ذكرت الأميرة مشاعل بنت فيصل بن عبد العزيز، نقلا عن أمها الجوهرة بنت سعود، أن الملك عبد العزيز دخل يوما على أخته نورة وهي تأكل تمرا، فناولته حبة منها، وقالت: متى نستعيد تمور الأحساء! فنفض الملك عبد العزيز يده، وكأن هذه العبارة أوقدت في صدره لهيبا وعزما للمضي في طريق المجد وتوحيد مملكته؛ ولذا لا عجب أنه كان كثيرا ما ينتخي بها في صولاته وجولاته «أنا أخو نورة».

الأميرة موضي بنت سلطان بن أبي وهطان، وهي زوجة مؤسس الدولة السعودية الأولى الإمام محمد بن سعود رحمهما الله، وأول امرأة تحدث المؤرخون عن دورها في مناصرة الدعوة الإصلاحية. اعتنت - غفر الله لها - بالعلم والتعليم، وتأسيس الأوقاف الخيرية، ولها وقف يعرف باسم «سبالة موضي» في حي الطريف بالدرعية، أسسه ابنها الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، ثاني أئمة الدولة السعودية الأولى.

غالية بنت عبدالرحمن البقمي رحمها الله. وهي شخصية تاريخية وقائدة سعودية عُرفت بدورها البطولي في الدفاع عن مدينة تربة ضد حملة محمد علي باشا، وتكريما لبسالتها وشجاعتها، أصبحت مقولة «أمست دار غالية خالية» مثلا يتداول في الأدبيات العربية لوصف شجاعة المرأة في الدفاع عن وطنها.

موضي بنت عبدالله البسام رحمها الله. حفرت بصماتها في تاريخنا، حتى قيل فيها «إن جاك ولد سمه موضي»، وما ذاك إلا لصلابها وبسالتها ومبادراتها في بذل الخير للغير. على أنها عاشت يتيمة، إلا أنها نشأت نشأة صالحة اعتنت في مقتبل عمرها بتعلم القرآن الكريم والقراءة والكتابة والعلوم الشرعية. ولقد كشف فقدها لأبيها في صغرها وأبنائها في كبرها عن صلابة شخصيتها وقوة إيمانها بالله عز وجل؛ فعلاوة على دورها الفاعل في إيواء العديد من المقاتلين أثناء المعارك، بادرت بكرمها وبذلها في سنة الجوع بشراء كمية كبيرة من التمور لتقوم بتوزيعها يوميا على بيوت الفقراء والمساكين.

هيا بنت صالح الشاعر رحمها الله. نشأت في بيئة علمية، فوالدها أحد علماء حائل، ومن أسرة اشتهرت بالعلم والدعوة؛ مما مكنها من فتح كتّابا في منزلها بحي لبدة، عرف بـ»كتّاب الخطيبة هيا»، حيث كانت تدرّس فيه القرآن الكريم والعلوم الشرعية.

نورة بنت سليمان الرهيط رحمها الله. فتحت كتّابا في منزلها وهي بعمر السادسة عشرة، وظل طوال حقبة الستينيات والسبعينيات الهجرية يمارس دوره التعليمي في مدينة عنيزة، عرف بكتّاب «رهيطة»، وما إن بدأت مسيرة التعليم النظامي، كانت من أوائل من انضم لها فعينت معلمة في المدرسة الابتدائية الأولى عام 1380هـ، ثم عملت مساعدة للمديرة في الدراسة الصباحية، بالإضافة إلى إدارة المدرسة الأولى لمحو الأمية في مدينة عنيزة عام 1393هـ.

هيا بنت محمد بن شتوي السياري رحمها الله. نشأت نشأة صالحة وتعلمت على يد زوجها الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله الفنتوخ - رحمه الله - فنون القراءة والكتابة، ونهلت منه أصول العلم الشرعي؛ مما مكنها من إنشاء كتّابا في دارها بمدينة القصب يعنى بتعليم المرأة القراءة والكتابة والعلوم الشرعية.

وهكذا يظل تاريخنا شاهدا بأن المرأة السعودية كانت، وما زالت، قلبا نابضا بالعطاء، وعقلا راجحا نحو البناء، وسندا راسخا في مسيرة الوطن ورفعته. فهي الأم والمعلمة والمربية والشريكة الفاعلة في بناء الماضي ونهضة الحاضر وتشكيل المستقبل؛ فسلام على نسائنا في كل زمان ومكان، وسلام على وطن يزداد عزّا وفخرا برجاله ونسائه الصادقين المخلصين.

أخبار ذات صلة

0 تعليق