نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تجربة الممارس الصحي.. الواقع والمنتظر, اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025 12:01 صباحاً
تقدم المرافق الصحية في بلادنا مجهودات كبيرة لترسيخ مفاهيم الثقة في خدماتها وأساليبها عند المستفيد، ولعل تجربة المريض التي تم استحداثها مؤخرا تعكس حرص تلك المرافق ومنسوبيها على رضا المستفيد، الذي يعد أهم مؤشر من مؤشرات جودة الخدمات الصحية.
في المقابل هناك ممارس صحي يقوم بتقديم الخدمة لأولئك المستفيدين، وفق بروتوكولات طبية وإدارية في غاية الأهمية والدقة، كون المنشآت الصحية قد اعتمدت في منهاجها العملي أساليب التقييمات الدورية والاعتمادات الرسمية التي تقيس مستوى الخدمة ومدى فاعليتها عند المريض، وهنا يصبح الممارس الصحي مطالبا بجودة عمل عالية، وفق ذلك البروتوكول الصارم، الذي يسهم في تقديم الخدمة الصحية في أرقى صورها وبالسرعة المطلوبة، التي تتواءم وطبيعة الخدمة ومستفيدها؛ الإنسان الذي يعد المستهدف الأول والأخير منذ الولادة وحتى الممات.
لذلك فإن من الضرورة بمكان قياس تجربة الممارس الصحي ونسبة رضاه عن المنشأة والقائمين عليها من رؤساء ومديرين ورؤساء أقسام.
لقد رشحت من التجربة المعيشة ملاحظات عديدة حول هذا الموضوع ولعل من أهمها الآتي:
1 - ضبابية كثير من اللوائح التنظيمية التي تنظم طبيعة العلاقة بين الرئيس ومرؤوسه، هذه الضبابية رشح منها وعنها كثير من تجاوزات بعض المديرين وخاصة الممارسين الصحيين حديثي العهد بالتجربة الإدارية، كونهم يوضعون في هذه المراكز المفصلية وهم أحداث على مستوى العمر والعقل والتجربة الإدارية التي تخولهم التعلم ثم صنع القرار الصحيح، لهؤلاء ضحايا كثر وعندما يحاول الممارس الصحي المظلوم المطالبة بحقه فإنه يصطدم بمصطلح المصلحة العامة العائم الذي ينحاز للمدير الغر على حساب الحقيقة وأصحابها.
2 - غياب الحوكمة بشكلها العصري عن أذهان كثير من المسؤولين في تلك المنشآت الصحية، هذا الغياب له جانبان، الجانب الأول غياب الأهلية عن كثير من العاملين في الإدارات القانونية، إما لعدم حصولهم على مؤهل قانوني يخولهم التعلم ثم اكتساب الخبرة في هذه الإدارات، أو لعدم وجود الصفات الشخصية وكاريزما الموظف القانوني الذي يستطيع فهم الواقع وسبره وإسقاط المواد النظامية المناسبة عليه، فمثلا عندما يكون رئيس الإدارة القانونية في المرفق الصحي ممرضا أو طبيبا أو أخصائيا غير طبيب، فما الذي يرجى من تجربته وهو في الأصل غير مؤهل وغريب عن هذا المجال مؤهلا وتأهيلا وخبرات تراكمية؟!
الجانب الثاني، عدم تفعيل الجانب القانوني الإجرائي الذي يحكم العلاقة بين المنشأة والعاملين من جهة وبين رؤسائهم من جهة أخرى، فمثلا الوصف الوظيفي هو أداة من أدوات الجودة للتعريف بالموظف ومهامه الوظيفية وفق خبراته العملية وشهاداته العلمية، ومع جهل بعض المديرين بأهمية هذا الوصف إلا أنهم يمارسون نوعا من العنجهية الخالصة عندما يقومون بتوجيه بعض الممارسين الصحيين إلى ممارسة أعمال لا تستقيم أو تتواءم مع مؤهلاتهم العلمية ولا خبراتهم التراكمية.
3 - دراسة كثير من حالات الموظفين الذين تم صدور أحكام قضائية تنصفهم، من المحاكم الإدارية المختصة، ومعرفة سبب توجههم إلى هذه المحاكم، ومتابعة مسار تلك القضايا ومآلاتها ومن تسبب في نقل تلك المشاكل إلى تلك المحاكم، لأجل معرفة مكامن الغموض أو التقصير، ومحاولة تلافيه مستقبلا، وخاصة أن مظلة الممارسين الصحيين ستتغير كاملة من المتعهد القديم لتصبح تابعة لشركات ربحية جديدة، وهذا يعني مفاهيم جديدة في العمل تتبع نظام العمل والعمال بدلا من أنظمة الخدمة التقليدية السابقة التي كانت تؤطر وتحتوي غالبية موظفي تلك المنشآت الصحية.
وأخيرا، تظل الحوكمة بكل جوانبها العملية هي الحل الأمثل في توطيد بيئات عملية صحية وصحيحة، تنظم العمل داخل المنشآت وتزيد من فرص التطوير، وتلجم كل التجاوزات التي يمارسها ضعاف النفوس تجاه الممارس الصحي الذي يحاول جاهدا تقديم الخدمة الصحيحة والموثوقة في الزمن المناسب الذي ينعكس إيجابا على المنشأة وعلى المستفيد.
0 تعليق