المرور والسيول في جدة إلى متى!؟

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المرور والسيول في جدة إلى متى!؟, اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025 03:42 صباحاً


‏يعتبر البعض كارثة سيول جدة 1430هـ والتي أطلق عليها اسم (الأربعاء الأسود) هي بداية الفاجعة لهطول الأمطار، حيث لقي أكثر من 47 شخصا حتفهم، وتضررت الممتلكات والعقارات وبلغت أكثر من 8092 عقارا، وأتلفت أكثر من 7 آلاف مركبة حسب لجان حصر الأضرار؛ فقد كشفت الأمطار المستور في بنى تحتية هشة، وبناء مخططات في مجاري السيول وبلا تصاريح رسمية! ناهيك عما سمي (ببحيرة المسك) التي اختلطت فيها مجاري الصرف الصحي مع مجاري السيول لتغرق المدينة العروس في وحل شوه جمالها لتصبح عجوزا شمطاء تبددت ملامحها بأخاديد وتجاعيد.

وحقيقة السيول الجارفة كانت حتى قبل ذلك التاريخ، فغرق الشوارع القديمة في البلد، والشرفية، البغدادية والعمارية.. مشكلة أزلية ولكن ربما استيقظت (أمانة جدة) مؤخرا بعد الفاجعة وتعلمت من دروس التاريخ الكثير، واستفادت في عمل مشاريع البنى التحتية بمواصفات هندسية تتناسب مع الطبوغرافيا لمدينة جدة بصورة أفضل، ولكنها ليست الصورة المثالية التي يصبو لها السكان والزائرون لهذا المدينة التي تعتبر مدينة عالمية نظرا لموقعها الجغرافي على البحر الأحمر، وشواطئها الخلابة، ومركزا للترفيه، والمولات الكبرى، والمطاعم، ودور السينما.. وغيرها من المميزات التي تجعل كل سكان منطقة مكة المكرمة يهرولون لها..
‏إلا أن العروس ما زالت تعاني مما يكدر خاطرها وخاطر أهلها وزائريها، ففي 9 ديسمبر 2025م تكررت بعض المشاهد في سيول جارفة وبحيرات المياه، ومعنى ذلك أن المشاريع المقامة والتي تنفق عليها الملايين من الريالات سواء في مشروع تصريف مياه السيول أو مشروع السدود لحجز المياه وتحويلها لخزانات استراتيجية ما زالت قاصرة عن أداء وظائفها في الحفاظ على أمن وسلامة المدينة وسكانها...!!

‏صحيح كان هناك تحذير من الدفاع المدني بغزارة الأمطار وتحويل الدراسة عن بعد للحفاظ على سلامة الناس.. ولكن الكثيرين ‏تضطرهم ظروفهم للخروج وكنت شخصيا إحدى الضحايا.. وخرجت من مكة والطريق السريع في غاية الانسيابية وتفاءلت بأن ذلك سيكون في جدة أيضا؛ لأنني ابتعدت عن طريق الحرمين الذي كانت التجربة المريرة فيه سابقا.. وذهبت إلى طريق المدينة؛ من حسن ظني بأمانة جدة، حيث طريق المدينة يوصل إلى الشمال وبه أكثر الأحياء الجديدة والراقية التي يفترض أن توصلها خدمات المشاريع...!

‏ لقد سرت أربع ساعات حتى الوصول إلى وجهتي في أبحر الشمالية في خضم قفل الشوارع والتوجه من مسار إلى آخر، لأن هناك بحيرات من الماء قد تبتلع السيارات بمن فيها!! سرت وأنا في غاية التعجب؛ فالأمطار غيث ونعمة من السماء نصلي لها.. وهي سر الوجود الكوني في إنبات الزرع وإدرار الضرع.. بل هي الحياة وجمال الطبيعة التي نتوق لها، وتحسن هذه الأجواء نفسيتنا المرهقة من حرارة الأجواء وتحديات المشكلات.

‏صحيح أن أمانة جدة تبذل الجهود في التعامل مع الحالات المطرية الشديدة وجندت 7160 فردا من الكوادر الميدانية الذين عملوا على مدار الساعة بـ1621 معدة وآلية لسحب تجمعات المياه، ولكن الحكمة تقول الوقاية خير من العلاج.. وهنا نحتاج إلى تحقيقات عاجلة وشفافة إلى أين وصلت مشاريع تصريف السيول؟! ومن هم المقاولون المتأخرون في تنفيذ المشاريع وفي جميع الأحياء؟ فقد كشفت التحقيقات في سيول جدة السابقة وجود متورطين في الفساد، وإدانة أكثر من 45 شخصا تمت محاكمتهم من قياديين في بعض الإدارات الحكومية، والشركات، والوافدين.. ووضعت غرامات وسجنا بحقهم، لأن الفساد ليس أثره على المشروع وأكل المال العام بالباطل فقط.. بل أثره على المجتمع وحياة الناس أيضا!!

‏أخيرا، الاختناقات المرورية والزحام في جدة - حتى دون أمطار - أصبحا مشكلة مؤرقة للسكان، خاصة المناطق الشمالية وفي أوقات الذروة، حيث السرعة 90 ولا يستطيع السائق السير سوى بـ20-30 فقط، والمكان الذي يصل إليه في العادة بنصف ساعة أصبح يستغرق أكثر من ساعة أو ساعتين.
حتما حينما تضيع الأوقات، وتستنزف الطاقات.. يجد الإنسان أن حلمه في (جودة الحياة) قد أصبح سرابا.. فما هي الحلول يا معالي الأمين؟!

أخبار ذات صلة

0 تعليق