مباشر- برز البيزو المكسيكي كفائز غير متوقع من الحرب التجارية التي شنها دونالد ترامب، حيث أدى تلاشي المخاطر العالمية والتأخير المتكرر في فرض التعريفات الجمركية الأمريكية إلى جذب المستثمرين مرة أخرى إلى الأصول ذات العائد المرتفع في البلاد.

كانت العملة المكسيكية واحدة من الضحايا الكبار والمبكرة للهجوم التجاري الذي شنه ترامب، حيث ضعفت إلى 21 بيزو مقابل الدولار الأمريكي في تعاملات محمومة في أوائل فبراير بعد الإعلان عن فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 25 في المائة على المكسيك والتي تأخرت بعد ذلك.

ارتفع البيزو المكسيكي منذ ذلك الحين إلى ما يزيد قليلاً عن 18.5 مقابل الدولار الأمريكي، معوضًا بذلك خسائره التي تكبدها منذ انتخاب ترامب ، حيث استغل المستثمرون هدوء تقلبات السوق والتطورات التجارية الإيجابية للاستثمار في الأصول المكسيكية عالية العائد. وارتفع البيزو المكسيكي بنسبة 4% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مما جعله الأفضل أداءً بين سلة من العملات الأكثر تداولًا التي تتابعها بلومبرغ.

وقال ديريك هالبيني، رئيس أبحاث الأسواق العالمية في مجموعة MUFG المصرفية: "يُعتقد أن المكسيك تمكنت من إدارة مفاوضات العلاقات مع الولايات المتحدة بشكل أفضل قليلاً من غيرها".

تتمتع المكسيك وكندا بشروط تجارية أفضل مع الولايات المتحدة مقارنةً بمعظم الدول الأخرى، بفضل إعفاء البضائع المتوافقة مع اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA)، ما يعني أن الغالبية العظمى من صادراتهما تدخل الولايات المتحدة معفاة من الرسوم الجمركية. في 31 يوليو، حصلت المكسيك على تمديد لمدة 90 يومًا لما يُسمى بالرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها ترامب على البضائع غير المعفاة، بينما لم تحصل كندا على ذلك. ولم يرتفع الدولار الكندي إلا بنسبة 1.1% خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وقد كان الارتفاع الذي شهده البيزو وعملات أخرى مثل الريال البرازيلي، بنسبة 3.7% في الأشهر الثلاثة الماضية، مدفوعاً بإحياء ما يسمى بتجارة الحمل، حيث يقترض المستثمرون حيث تكون أسعار الفائدة منخفضة نسبياً لشراء أصول حيث تكون الأسعار أعلى.

وتعتبر الأصول المكسيكية، المدعومة بسعر الفائدة الذي حدده البنك المركزي بنسبة 7.75%، المستفيد الرئيسي.

قال تييري لاروز، مدير ديون الأسواق الناشئة في مجموعة فونتوبل الاستثمارية: "إن قوة البيزو المكسيكي والأصول المكسيكية عمومًا تُعزى في الغالب إلى ضعف الدولار وارتفاع عوائد السندات". وأضاف أن الريال البرازيلي نجا بالمثل من المشاكل المالية والتوترات التجارية الأمريكية.

قال محللو العملات إن انخفاض التقلبات قد أنعش تجارة الفائدة. وقد انخفض مؤشر مجموعة CME للتقلبات المتوقعة في سعر صرف الدولار مقابل البيزو بشكل حاد عن ذروته في نوفمبر، وبلغ الشهر الماضي أدنى مستوياته منذ مايو من العام الماضي، وهو انخفاض في التقلبات الضمنية التي شهدتها أزواج العملات الأخرى أيضًا.

وقال كريس تيرنر، رئيس أبحاث الأسواق العالمية في بنك آي إن جي: "كانت تجارة الحمل تحظى بشعبية كبيرة منذ بدأت مستويات التقلب في الاستقرار".

وقال مديرو الصناديق إن المكسيك تستفيد من تدفق رأس المال مرة أخرى إلى الأسواق الناشئة، وهو ما ساعد في دفع علاوة الاقتراض التي تدفعها البلدان النامية فوق العائد على سندات البلدان المتقدمة إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2007.

ارتفعت الديون المكسيكية لأجل عشر سنوات منذ بداية العام، مما دفع عائدها إلى الانخفاض إلى 9%، مقارنة بـ 4.3% على سندات الخزانة الأميركية المماثلة.

وقال فيكتور زابو، مدير صندوق في أبردين، إن مزيجا من النمو البطيء والتضخم الأساسي "الجيد التصرف" أدى إلى تعزيز الديون المكسيكية، التي تستفيد أيضا من "الرياح الخلفية القوية للغاية" المتمثلة في ضعف الدولار.

وأضاف أن "السياسة التجارية الأمريكية لا تزال مصدر خطر على المدى القريب. لكن تراجعات ترامب المتكررة عن سياساته الأكثر ضررًا تخفف من حدة المخاوف". 

تجري حكومة الرئيسة كلوديا شينباوم محادثات بشأن اتفاقية أمنية جديدة مع إدارة ترامب في محاولة لإضعاف عصابات المخدرات العنيفة في المكسيك. لكن مجموعة من المخاطر، منها خطر التدخل العسكري الأحادي من جانب الولايات المتحدة، تُخيم على العلاقات الثنائية.

جادل لاروز بأن فونتوبل تُقلل من وزن الأصول المكسيكية بشكل طفيف، اعتقادًا منها بأن الأسواق تُقلل من شأن بعض المشكلات الأكثر تعقيدًا التي تواجه حكومة شينباوم، مثل ديون شركة النفط الحكومية بيمكس. ولكن فيما يتعلق بالرسوم الجمركية الأمريكية تحديدًا، وبالنظر إلى الإعفاءات واسعة النطاق، قال: "ربما تكون التهديدات مبالغًا فيها بعض الشيء".