وتفقد اللغة العربية رمزين من رموزها

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وتفقد اللغة العربية رمزين من رموزها, اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 01:29 صباحاً

خلال هذا العام (1446) فقدت اللغة العربية أستاذين من أفاضل أساتذتها وأفضلهم في العقود الأخيرة، ولا شك أن رحيلهما يمثل خسارة كبيرة للغة العربية وأقسامها في الجامعات، ولمن عرف مكانتهما العلمية والعملية في محيط الجامعة وأدوارهما خارجها. وما يجمع بين الراحلين الكثير من المناقب والأحوال والمحطات؛ فالجانب الخُلقي يأتي في مقدمتها؛ فكلاهما يتمتع بخُلق رفيع وتعامل راقٍ مع جميع الدوائر التي أحاطت بهما سواء الزملاء والطلاب في الجامعة، أو من تعامل معهما خارج الجامعة. ومما تميز به الاثنان التفاني في التدريس والإيمان بأهمية هذا المجال الذي يمثل لب العمل الأكاديمي في الجامعة، والاهتمام بقضايا المجتمع خارج المجال الأكاديمي. ومما يجمع بين مسار الأستاذين أنهما عملا لسنوات في أقسام للغة العربية بالمملكة، أعطى كل منهما خلالها أمثلة رائعة في العطاء والتعامل والالتزام بالمبادئ الأكاديمية الراقية.

الأول حسب الرحيل هو الدكتور محمد حسين المحرصاوي الذي أكمل دراساته الجامعية والعليا في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، حتى حصل على درجة الدكتوراه فيها ليصبح أستاذا للنحو والصرف بالجامعة نفسها. وقد التحق خلال عمله الأكاديمي بقسم اللغة العربية وآدابها في جامعة الملك خالد، وقضى فيها عدة سنوات أستاذا للنحو والصرف، فكان مثالا رائعا في عطائه وأخلاقه وجميع تعاملاته مع زملائه وطلابه، وكان مضرب المثل بالالتزام الدقيق في محاضراته ومواعيدها، ثم غادر جامعة الملك خالد وسط شعور عام في القسم والكلية بفقده.

وبعد عودة الدكتور المحرصاوي من أبها تم ترشيحه ليصبح رئيسا لجامعة الأزهر لفترتين متتاليتين حقق فيهما العديد من الإنجازات وظهر خلالهما كرجل دولة، فكسب محبة واحترام منسوبي جامعة الأزهر بلطفه وإخلاصه وإنجازاته، ولم تبعده مهام الرئاسة عن الجانب العلمي الذي ركز فيه من البداية على مسارات ثلاثة، وأنتج فيها باقتدار، وهي: التحقيق، والتأليف، والبحث العلمي. ولم يمهله الموت طويلا بعد انتهاء فترة عمله رئيسا لجامعة الأزهر، حيث أُصيب بجلطة انتقل على إثرها بشكل مفاجئ إلى رحمة الله في السابع والعشرين من رمضان الفائت، فكانت له جنازة مهيبة، ونعاه زملاؤه وطلابه والعديد من المؤسسات العلمية الرائدة ومنها جامعة الأزهر، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي، كما نعته شخصيات علمية بارزة مثل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الذي وصفه بالعالم.

أما الراحل الآخر فهو الدكتور حلمي محمد القاعود الذي أكمل دراساته الجامعية والعليا في جامعة القاهرة حتى حصل على درجة الدكتوراه في الأدب والنقد في كلية دار العلوم، ليصبح بعد ذلك أستاذا للأدب والنقد بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة طنطا، وفي فترة لاحقة خلال عمله الجامعي انضم إلى قسم اللغة العربية بكلية المعلمين بالرياض ليقضي فيها عدة سنوات ألقى خلالها العديد من المحاضرات والمشاركات الأدبية في الرياض منها استضافة نادي الرياض الأدبي له في محاضرة عامة؛ بالإضافة إلى العديد من الفعاليات التي شارك فيها بالنادي، وفي جدة تمت استضافته في إثنينية عبد المقصود خوجة وسط لفيف من الأدباء والمثقفين في لقاء مسجل متوفر لمن يرغب في مشاهدته. وبعد هذه السنوات التي ترك بعدها أثرا طيبا وسمعة محمودة عاد إلى جامعة طنطا ليصبح بعد ذك رئيسا لقسم اللغة العربية فيها.

الدكتور حلمي القاعود متعدد المواهب والاهتمامات، فلم يقتصر نشاطه على العمل الأكاديمي بل كان كاتبا لامعا في مجالات عدة؛ فبالإضافة إلى إنتاجه الغزير في الدراسات الأدبية والنقدية، كان له باع في كتابة العديد من الروايات والقصص القصيرة، كما كان له نصيب مشهود في تناول القضايا السياسية والمسائل الفكرية ونقد الوسط الفني والصحافة، ومن آرائه التي كان لها صدى واسع تقييمه لمسيرة جامعة الأزهر وتحولاتها، كما ينسب إليه أنه من أوائل من تنبأ بغزو صدام حسين للكويت. وقد رحل رحمه الله في الخامس عشر من شهر ذي القعدة هذا العام بعد أن أثرى المكتبة العربية بالعديد المؤلفات والدراسات في المجالات الأدبية والسياسية والفكرية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق