التجارب الحيوانية والنماذج البشرية والذكاء الاصطناعي

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التجارب الحيوانية والنماذج البشرية والذكاء الاصطناعي, اليوم الخميس 25 سبتمبر 2025 02:46 صباحاً

في خطوة مهمة وغير مسبوقة، أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) مؤخرا عن تغيير جوهري في سياساتها المتعلقة باختبارات الأدوية والعلاجات، حيث قررت التخلي تدريجيا وبشكل جزئي عن استخدام الحيوانات في التجارب ما قبل السريرية، مستبدلة ذلك بنماذج مخبرية حديثة تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) والنماذج البشرية المعروفة بـ"الأورجانويد" (Organoid).

هذه الخطوة تعتبر تحولا جذريا يعكس التوجه الحديث نحو استخدام أساليب أكثر دقة وفاعلية في اختبار الأدوية، حيث أكدت الهيئة في بيانها الرسمي أن هذه الأساليب الجديدة تعتبر أكثر ملاءمة وأقرب للواقع الإنساني مقارنة بالتجارب التقليدية على الحيوانات، والتي طالما كانت محور انتقادات أخلاقية وعلمية كبيرة.

وأيضا، أشارت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إلى أن الاختبارات الجديدة ستعتمد على نماذج حسابية متقدمة تعمل بالذكاء الاصطناعي، تستطيع محاكاة طريقة انتشار الأجسام المضادة في جسم الإنسان والتنبؤ بدقة كبيرة بالآثار الجانبية المحتملة. كما أكدت الإدارة أن هذه النماذج الحاسوبية قادرة على تقديم تحليل دقيق لطبيعة المواد الدوائية، ما يجعلها خيارا مثاليا بديلا عن الاختبارات التقليدية.

كذلك، أوضحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أن شركات الأدوية يمكنها استخدام نماذج مخبرية بشرية مثل نظام "عضو على شريحة" (organ-on-a-chip)، والأورجانويد، وهي نماذج معملية ثلاثية الأبعاد قادرة على محاكاة وظائف الأعضاء البشرية بشكل دقيق. هذه التقنيات تتيح للباحثين دراسة تفاعل الأدوية مع الأعضاء الحيوية للإنسان في بيئة مختبرية دقيقة، مما يعزز من مصداقية النتائج ويقلل من الأخطاء الناتجة عن استخدام الحيوانات في الاختبارات.

كما أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أنها ستستفيد أيضا من البيانات الواقعية والمعلومات التي تجمع من مختلف أنحاء العالم، بهدف تعزيز قدراتها على تقييم فعالية وسلامة الأدوية بدقة أكبر، الأمر الذي يسهم بشكل واضح في تسريع عمليات الموافقة على الأدوية والعلاجات الجديدة.

وفي بيان صادر عن رئيس إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، مارتي ماكاري، أكد أن هذا التوجه الجديد يحقق مكاسب كبرى على المستويين الأخلاقي والصحي. فقد قال ماكاري "من خلال الاعتماد على نماذج حاسوبية تعمل بالذكاء الاصطناعي، واختبارات تعتمد على النماذج البشرية، والبيانات الواقعية من تجارب عالمية، يمكننا ضمان وصول علاجات أكثر أمانا وفعالية للمرضى بشكل أسرع وبتكلفة أقل. هذه الخطوة تعتبر مكسبا مزدوجا للصحة العامة وللجانب الأخلاقي".

ورغم أهمية هذا التحول الكبير عزيزي القارئ، فإن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لم تقدم جدولا زمنيا دقيقا لإنهاء استخدام الحيوانات بشكل نهائي في الاختبارات، لكنها أوضحت أن هذه السياسة الجديدة ستبدأ في التنفيذ فورا وبشكل تدريجي.

ويأتي هذا الإعلان بعد سنوات طويلة من الجدل حول أخلاقيات التجارب الحيوانية، والتي كانت تعتبر ضرورية في السابق رغم آثارها الأخلاقية المزعجة ومحدودية نتائجها التي قد لا تنطبق بدقة على البشر. ويعتبر هذا التغيير استجابة واضحة لتطور التقنيات الحديثة التي توفر بدائل علمية وأخلاقية أكثر تقدما وفاعلية.

في الختام، يشكل هذا الإعلان من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية نقلة نوعية كبيرة في عالم البحوث الطبية والصيدلانية. فهو لا يمثل فقط انتصارا للأصوات التي كانت تطالب منذ سنوات طويلة بوقف استخدام الحيوانات في الأبحاث العلمية، وإنما هو أيضا خطوة مهمة نحو استخدام تقنيات علمية مبتكرة تضمن سلامة المرضى وتحترم المبادئ الأخلاقية في مجال البحث العلمي والصناعات الدوائية.

nabilalhakamy@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق