القدر الزائد.. فوق العادي

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
القدر الزائد.. فوق العادي, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 08:25 صباحاً

"لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومعاكس له في الاتجاه".. هذا القانون الفيزيائي الميكانيكي الذي قدم به السير إسحاق نيوتن خدمة جليلة للبشرية يعد من أكثر القوانين التي نشاهد تطبيقاتها على أرض الواقع.

لو سحبنا هذا القانون على التعاملات البشرية لن نجده منضبطا كما هو في عالم الفيزياء؛ فرد فعل الناس تجاه الأفعال قد يكون مساويًا لها في القوة وقد يكون أضعف منها أو أقوى منها بكثير؛ ولهذا نرى أحيانا ردات الفعل المتشنجة تجاه أفعال لا تستحق كل هذا.

ولست بصدد الحديث عن الاتزان في ردات الفعل أو التصرف تجاه المواقف المختلفة التي تمر بالإنسان خلال حياته، فهذا موضوع كبير والكلام فيه يطول، ولكني سأتحدث عن جزئية صغيرة أثرها كبير عند من يريد أن يحدث الفرق في تعامله مع الآخرين.

كل تصرف إيجابي من الناس تجاهك يتوقعون منك رد فعل تجاهه، وهذا الأمر طبيعي، وبناء على رد فعلك سيكون تصرفهم معك، فلو تصرفت وفق قانون نيوتن فكانت ردة الفعل مساوية للفعل في القوة سيكون تصرفهم معك كذلك، ولن يكون هناك شيء مستغرب في الموضوع، لكن تخيل أن ردة فعلك كانت بقدر زائد على المتوقع، وبقدر زائد على قوة الفعل نفسها، تلك الزيادة ستحدث فرقا كبيرا ربما لا تتخيله، وربما تكون نتائجه أكبر بكثير مما كنت تظن.

وإليكم بعض المواقف التي يظهر فيها القدر الزائد على المتوقع في ردة الفعل وأثره.

أحد الأصدقاء - الشيخ ماهر - يسكن في مدينة بعيدة عن المدينة التي أسكن فيها، ربما التقيته مرة أو مرتين فقط والتواصل معه مستمر منذ سنوات، أثنيت مرة على رسالة أرسلها لي فكان رده "كلك ذوق وجمال حبيبي"، وقلت له مرة زادك الله من فضله فكانت ردة فعله "اللهم آمين ولك بالمثل... دائما محفز حبيبي"، وقلت له مرة جزاك الله خيرا فقال "اللهم آمين ولكم بالمثل حبيبي"، وعندما أرسل له معلومة - مثلا - المتوقع أن يرد بـ"شكرا" لكنه يرد دائما بـ"شكرا حبيبي"، وعندما يرسل لي رسالة وأرد بـ"شكرا" يرد هو بـ"عفوا حبيبي"، بحذف كلمة حبيبي هو أتى بردة الفعل، وبإضافة كلمة "حبيبي" أتى بقدر زائد، كان له وقعه الكبير على قلبي؛ فأصبحت أجاريه في لطفه وأعلم أنني لن أبلغ معشار ما عنده.

كثير من الأصدقاء يطلب بعضهم من بعض أن يصطحبه بالسيارة لقضاء حاجة ما، فيكون رد صاحبه "أبشر" أو "موافق" أو "إن شاء الله"، ما رأيك لو أضفت لها قدرا زائدا فقلت: "أبشر من عيوني" أو "أبشر، كم عندي من حمود" أو "أبشر، لو ما مريتك يا حسن من أمر؟" كم ستكلفك هذه الزيادة؟ لا شيء حرفيا، كيف سيكون وقعها على الآخرين؟ اسألوا حمود وحسن!

وهذا مشهد وقع أمامي قبل أيام، أحد كبار السن بالكاد قام بعد الصلاة حتى استوى واقفا والتفت يبحث عن عصاه التي يتوكأ عليها فلم يرها في المكان الذي كانت فيه، فالتفت فإذا بالرجل الذي بجانبه قد تحرك من مكانه ليفسح له الطريق للمرور ممسكا بالعصا ويمدها له، فأخذ كبير السن العصا بكل امتنان وابتسم وربت على كتف ذلك الرجل الذي زاد في رده بشيء لم يتوقعه الرجل المتقدم في العمر، وسمعته يهمهم بكلمات بالشكر والدعاء.

عندما تزيد في قولك الحسن، وفعلك الإيجابي على القدر الذي يتوقعه منك الآخرون ثق تمام الثقة أن لهذه الزيادة أثرا كبيرا، على نفسياتهم وأخلاقهم، وتصنع عندهم شعورا رائعا، وقد يتبنون أفعالك وأقوالك فيقدمون بدورهم قدرا زائدا للآخرين، وبهذا تنتشر الإيجابية وتسود الألفة والمحبة، وتصبح البيئات من حولنا صحية نفسيا واجتماعيا، وينعكس كل ذلك علينا.

ابدأ من الآن بإضافة قدر زائد على ردة الفعل العادية قولا أو فعلا، ولاحظ تصرفات الناس نحوك، ثم أخبر الآخرين عما وجدته.

دمتم بخير ودامت أيامكم سعيدة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق