مرايا الأربعين

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مرايا الأربعين, اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025 12:01 صباحاً

نحر الذات على أبواب الأربعين، وتكفين الشغف بأسئلة وجودية.

من أنا؟ وماذا حققت من إنجازات؟ وما هو الأثر الذي خلده السعي الدائم على جبين السنين الماضية؟

هل كان لوجودي معنى؟ وهل فرصي بالحياة تضاءلت وانحسرت ما بين طعام وشراب؟

ماذا بعد الروتين الممل؟ وما الإرث الذي سأتركه بعدي؟ وهل هناك دعوة تصاحبني لا أعرف من قائلها؟ وما وراء قصة الشبح الأبيض الذي اكتسح سواد شعري؟

الكثير من الأسئلة المفتوحة ذات الطابع التقييمي من جميع النواحي سواء كانت ذاتية أو اجتماعية أو دينية أو حتى مهنية ورياضية، ذات مسارات ضيقة ورؤية عميقة تتجه نحو البحث عن إجابات مقنعة لتخفيف ضجيج الداخل.

الكثير يرى بأن هذه أزمة، وهي بالأصح رحلة نحو الوعي والإدراك.

سفر عبر خطوط مضيئة، والتحليق بأجنحة ذهبية، والمالك الحصري لمنجم الحكمة، الذي يجمع ما بين ظلام الماضي وأنوار المستقبل.

استخدم أليوت جاك عام 1965م مصطلح (أزمة منتصف العمر) ثم توسعت دائرة هذا المصطلح ما بين علماء النفس، متوغلين في أعماق النفس البشرية ومتابعين تطورات المرحلة الانتقالية ما بين مرحلة الشباب والشيخوخة، والمقارنة بين الجنسين ومدى تأثير فصولها على النفس البشرية.

انخفاض مستوى هرمون التستوستيرون عند الرجال والتغيرات الهرمونية عند النساء قبل سن اليأس هما من أقوى مسببات العصبية الدائمة والدخول عبر بوابة الاكتئاب.

الضغوطات النفسية والشعور بفقدان هالة الذات وسط الجموع أو حتى داخل الأسرة والمقارنات الجائرة بين ما هو عليه الآن وبما أنجزه الغير داخل مضمار الحياة.

تبدأ الأربعين بمتلازمة إطفاء المصابيح داخل الغرف وإرخاء السمع لتعقب هدير وحدة التكييف بكل أرجاء المنزل.

تجميع القطع المتناثرة من أسلاك وأجزاء الحديد والألمنيوم والأجهزة العطلانة والخشب وأي شيء يقع ضمن مجال الرؤية تحت ذريعة (ممكن نحتاجها) هي مرحلة جوهرية لها وزنها وتأثيرها.

إدمان الديزل وعشق المعدات الثقيلة وذوبان القلب في حب الصخور الكبيرة العالية، والعمل على تشييد معلقة الأحجار المتراصة (حصري بالقرى).

مطاردة الوصفات الشعبية وتطبيقها ونشر محتواها على نطاق واسع والوقوف بحزم ضد من يشك أو يستنكر أو يقلل من أهميتها.

إدارة الحشود داخل القروبات، وتفويج الأعضاء نحو المقترحات الخاصة، وتجنيد الذات بأعلى أبراج المراقبة، حيث الإضافة والحذف.

الأشياء التي كانت بغاية الأهمية، وخوض المعارك من أجلها، تلاشت أهميتها وانطفأ سعيرها وأصبحت هامش ذكرى سخيفة.

تكبير دائرة المفاتيح والعمل الجاد على تجميعها حتى ولو كانت خارج نطاق الخدمة، فأنّتْ من ثقلها الجيوب وفقدت الثياب توازنها.

في هذه المرحلة يقل مستوى المقاومة فيتحول شديد الحزم وعنيف الماضي، إلى رهينة تحت وطأة رأي من أشقاهم سنين، وتحت حكم توجهات وميول بقايا صراخ الأمس. (كالخيط في الإبرة).

مطاردة فلول الشيب ليواري سوءة بياض الرأس، محاولا دفع عجلة العمر إلى الخلف.

وركض السيدات إلى معامل التجميل على أمل العودة إلى الوراء بضع سنين.

لا تنزعج كثيرا فهذه مرحلة انتقالية تتميز بالنضج العقلي والعاطفي، وتعتبر أكثر عمقا في التفكير، محاطة بالحكمة والتعقل وعدم التسرع، والاتزان عند اتخاذ القرارات.

صفاء الرؤية وتحديد الأولويات حسب الأهمية، مع التركيز على تصفية العلاقات وتضييق دائرة الأصدقاء، والتخلص من العلاقات المزعجة.

تتعلم قول "لا" لما لا يضيف للحياة قيمة ولا للأهداف معنى.

نضج روحي والسعي إلى ترك الأثر وتسمين الإرث المعنوي من تعليم أو مساعدة أو نصيحة أو تفريج كربة وغير ذلك.

الاهتمام بالصحة والرياضة واختيار جودة المأكل والمشرب، فينتقل بوعي من الكثرة إلى النوعية.

في الأربعين:

لا تضيق الحياة، بل تصبح أصدق وأوضح وأعمق.

لا ينطفئ الشغف، بل يحدد مساره بدقة.

لا تموت الأحلام، بل تسقى بمزن الوعي.

لا تضيع الفرص، بل يكون اقتناصها أسهل.

إذا فهمنا طبيعة مرحلة الوعي (الأربعين) تنساب عذوبة الحياه كشلالات نور من جداول أصالة الفكر.

أخبار ذات صلة

0 تعليق