نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نحو أفق قيادي جديد: كيف تعيد السعودية تشكيل فن قيادة المنظمات؟, اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025 12:01 صباحاً
– صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.
بهذه العبارة التي لم تكن مجرد وعد، بل ميثاق للتحول، رسمت المملكة العربية السعودية مسارا جديدا للنهضة، ليس فقط على مستوى التنمية الاقتصادية، بل في إعادة تعريف مفاهيم القيادة والإدارة، وبناء منظمات أكثر مرونة، تمكينا، وتأثيرا.
وفي عالم تتسارع فيه التغيرات، لم يعد نجاح المنظمات يُقاس بوفرة الموارد أو بتراكم الخبرة المؤسسية، بل بقدرتها على قيادة التحول، واستباق المتغيرات، وصياغة المستقبل لا انتظاره.
وقد رسخت رؤية المملكة 2030، خلال السنوات الماضية، هذا التوجه بوضوح، حتى أصبحت القيادة الحديثة اليوم حجر الأساس في تحقيق الأثر، والتحول من منظمات تقليدية إلى منظمات ذكية ديناميكية.
لقد تبلور هذا التحول لينتج نمطا جديدا من القيادة المؤسسية، قوامه: التمكين، التحول الرقمي، التفكير الاستراتيجي، والعمل الجماعي المدفوع بالغايات. فلم تعد القيادة تقاس بالمناصب بل بالأثر، ولم تعد تُمارس بالأوامر، بل بالرؤية والإلهام. ولم تعد تُؤدى من خلف المكاتب، بل في قلب الميدان، حيث التفاعل، والتجريب، والتطوير المستمر.
إننا نرى السعودية اليوم لا تكتفي بتبني النظريات الحديثة، بل تطلق مبادرات وممكنات قيادية تعد مرجعا إقليميا. من أبرزها:
- منصة قيادات التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتطوير قيادات القطاع العام وتأهيلهم بأساليب حديثة تتوافق مع مستهدفات الرؤية.
- نموذج التميز المؤسسي EFQM المعتمد وطنيا، والذي يعيد تشكيل الفكر القيادي حول القيمة المضافة، والممارسات المستدامة، والحوكمة الذكية.
- برنامج التحول الوطني الذي عمّق مفهوم القيادة بالنتائج وربط الأداء المؤسسي بالأثر المجتمعي.
- الإطار السعودي للقيادة الحكومية، الذي يعزز السمات القيادية الوطنية كالرؤية، والتمكين، وتحفيز الأداء الجماعي، ويستخدم مرجعا في بناء برامج التطوير المهني.
وتجسدت القيادة الحديثة في المملكة اليوم عبر خمسة تحولات جوهرية:
1- من السلطة إلى التأثير: القائد لم يعد مركز القرار بل منسق الرؤية وميسر الإنجاز.
2- من السيطرة إلى الثقة: التفويض أصبح ثقافة، والمساءلة الذكية صمام نجاح.
3- من المركزية إلى التشاركية: اتخاذ القرار الجماعي يعزز الجودة ويعمق الانتماء.
4- من الإجراءات إلى الابتكار: بيئات العمل تصمم لتحتضن الأفكار، وتكافئ المبادرة.
5- من البقاء إلى الاستباق: القائد الفعال لا يتفاعل فقط مع التغيير بل يخلقه ويوجهه.
كل ذلك يعيد طرح سؤال جوهري: ما هو الدور الجديد للقائد في زمن التحول؟
الإجابة لا تكمن في معرفة الأنظمة، بل في قيادة الإنسان نحو تحقيق غاية مشتركة. فالقائد المستقبلي هو من يفهم ديناميكيات التغيير، يتحدث بلغة البيانات، يجيد بناء فرق متعددة التخصصات، ويوازن بين سرعة الإنجاز وجودته.
إن المسار القيادي الجديد الذي تسلكه السعودية ليس مجرد تحديث إداري، بل هو إعادة هندسة فكرية لمنظومة القيادة. إنه انتقال من نموذج البقاء المؤسسي إلى نموذج الاستدامة المؤثرة، ومن قيادة الأعمال إلى قيادة القيمة.
ما نحتاجه اليوم ليس فقط تطوير المهارات، بل بناء قادة مفكرين، مستبصرين، يرون ما وراء الأفق، ويحسنون صياغة الأسئلة قبل البحث عن الإجابات. قادة يعرفون أن النجاح المؤسسي ليس في امتلاك الإجابة، بل في طرح السؤال الصحيح في اللحظة الصحيحة.
ومع هذا التحول، تبقى الأسئلة الأهم:
- كيف نصنع قادة يرون ما وراء التغيير... لا من داخله فقط؟
- هل نُهيئ بيئات العمل لتكون حاضنات للرؤية أم ساحات لإدارة المهام؟
- وكيف نقيس أثر القيادة الحقيقية... حين يكون الصمت أبلغ من التوجيه، والثقة أقوى من السلطة؟
أسئلة تطرح اليوم لتقود الغد... ولتبدأ منها رحلة فكر لا تنتهي.
لأننا في السعودية، لا ننتظر المستقبل... بل نعيد هندسته.
0 تعليق